تأجيج الإسلاموفوبيا وخطابات الكراهية في أوروبا بات واقعاً مؤسفاً !

تأجيج الإسلاموفوبيا وخطابات الكراهية في أوروبا بات واقعاً مؤسفاً !



د. عبدالمجيد الجلاَّل


من المؤسف أنَّ اليمين المسيحي المُتطرّف ، خاصة في أوروبا ، لا يزال يقود حملة الكراهية والعنصرية المقيتة ، لجهة شيطنة الإسلام ، ومحاولة إلصاق مظاهر الإرهاب والغلو والتطرَّف بالمسلمين دون سواهم !
بالأمس قام أحد المتطرفين العنصريين ، في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن ، بحرق مصحفٍ شريف ، نهاراً جهاراً ، في استفزازٍ خطير ، لمشاعر أكثر من ملياري مسلم في العالم، لا سيما في شهر رمضان المبارك ، وقد توسعت ظاهرة حرق المصاحف ، في أكثر من عاصمة أوروبية خلال الشهور والسنوات الماضية!
لذا ، من المهم جداً ، أن تتصدى المؤسسات الدولية الحاضنة لحوار الأديان ، وكافة الدول ، المؤمنة ، بقِيمها ، لمثل هذه السلوكيات العنصرية البغيضة ، وأن تعمل قدر وسعها ، على المحافظة ، على قِيم التسامح ، والعيش المُشترك ، وأن ترفض كافة أشكال خطابات الكراهية ، المبنية على المعتقد أو العرق أو الدين ، والزج بالمقدسات في الخلافات السياسية ، وأن ترفض كذلك ، حرية التعبير التي تستهدف ديناُ بعينه ، والأهم أن تعمل ، بوتيرة متسارعة ، على إقرار قانون ، يُجرّم التطاول والإساءة إلى الأديان والرسل ، كما هو الحال بالنسبة إلى قانون الهولوكوست ، وأن تتبنى ، بهذا الشأن ، مبادئ الحوار والتفاهم المشترك .
وحسناً ، ما فعلته ، الحكومة البريطانية ، بمنع سياسي دنماركي ، ينتمي إلى اليمين المُتطرَّف ، من دخول المملكة المتحدة ، بعد أن هدد بحرق نسخة من المُصحف ، في ميدان عام ، بمدينة ويست يوركشير البريطانية ، بما يُعد خطوة مهمة ، ينبغي أن تتبعها خطوات جادة ، لتثبيت قِيم السلام والتعايش السلمِي بين البشر ، على اختلاف معتقداتهم وثقافاتهم ، وكبح جماح الغلو والتطرَّف والإرهاب، ونبذ الأنساق الفلسفية الضيقة ، والسياقات الفكرية المتوارثة ، كاستحضار وتأجيج نظريات صدام الحضارات ، والإسلاموفوبيا ، التي تزيد من درجات التوتر والعصبية المقيتة ، والانغلاق الثقافي !
على كل حالٍ ، الاتجاه العام ، في المملكة العربية السعودية ، ودول منظمة التعاون الإسلامي ، يميل إلى رسم إطار عمل مؤسسي لتأصيل مبادئ الحوار ، وإشاعته ، بما يُجسّد مبادئ ديننا الحنيف ، وقِيمه العليا الداعية إلى الخير والمحبة والسلام ، والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات الإنسانية المختلفة ، ونبذ الكراهية ، وكل محاولات الصاق تُهم الغلو والتطرَّف والإرهاب بالإسلام .
وصدق د. راشد المبارك ، رحمه الله ، حين قال ، في كتابه القيّم ” التطرَّف خبز عالمي”: لم تعرف دفاتر التاريخ ثقافة واحدة خلت من أفراد زرعوا فيها ، ما يوقظ الصراع ، أو يُشعله بسبب تطرفهم ، فقد وُجد التطرَّف في كل الشعوب ، ومورس من قبل أفرادٍ وجماعاتٍ من أتباع كل الديانات والمذاهب، على اختلاف أطيافها.
خلاصة القول : إذا تُرك اليمين المُتطرَّف ، يعبث بقِيم التعايش المُشترك بين الأديان والثقافات المختلفة ، فقد يصل بنا الحال ، إلى واقعٍ بائس ، قد يصعب إصلاحه !

عين الوطن