وساطة صينية تُعيد الدفء إلى العلاقة السعودية الإيرانية !

وساطة صينية تُعيد الدفء إلى العلاقة السعودية الإيرانية !



د. عبدالمجيد الجلاَّل


كتبتُ أكثر من مرة عن العلاقة السعودية الإيرانية ، وأسباب التوتر الذي يحكم هذه العلاقة ، لعقودٍ من الزمن !
وذكرت حينها ، بأنَّ السعودية ، على قناعة تامة ، بأهمية موقع الجار الإيراني ، وأهمية بناء علاقة حسن جوار معه ، ومعالجة كل أوجه الخلاف في سياق التفاهم المُشترك حيالها ، وفي الوقت نفسه ، أشرتُ إلى ثبات السياسة السعودية ، في المحافظة على أمن واستقرار المنطقة ، وبناء أوثق العلاقات مع كل الفاعلين فيها، بما فيهم إيران .
لذا ، جاء البيان الثلاثي المُشترك لكل من المملكة العربية السعودية ، والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وجمهورية الصين الشعبية ، للتأكيد ، على أهمية إعادة ترتيب العلاقة السعودية الإيرانية ، والعمل المشترك لحل الخلافات بينهما ، من خلال الحوار ، والدبلوماسية ، في إطار الروابط الأخوية التي تجمع بينهما ، التزاماً بمبادئ ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ، ومنظمة التعاون الإسلامي ، والمواثيق والأعراف الدولية.
ويأتي التفاهم السعودي الإيراني ، إثر مباحثات بين وفدي المملكة العربية السعودية ، والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، جرت في الفترة من 6 – 10 مارس 2023 في بكين ، برعاية صينية مُقدرة .
إثرها ، أعلنت الدول الثلاث ، أنَّه قد تم التوصل إلى اتفاق ، يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران ، وإعادة فتح سفارتيهما خلال مدة أقصاها شهران ، كما أكدت السعودية وإيران ، على احترام سيادة الدول ، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ، واتفقا كذلك ، على عقد اجتماع ، بين وزيري الخارجية في البلدين ، لتفعيل ذلك ، وترتيب تبادل السفراء ، ومناقشة سُبُل تعزيز العلاقات بينهما !
من جهة أخرى ، اتفق الجانبان ، على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في الشهر الرابع ، من عام 2001 ، وكذلك ، الاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في الشهر الخامس ، من عام 1998 .
وفي نهاية البيان ، أعربت الدول الثلاث عن حرصها ، على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.
في تقديري ، أنَّ ما أفسد الأجواء بين الدولتين ، تبني إيران لمشروع توسعي عقائدي ، يقوم أساساً ، على تصدير مبادئ الثورة الإيرانية ، خاصة نظرية ولاية الفقيه ، المُثيرة للجدل ، إلى جيرانها ، وعموم دول المنطقة ، وبَنَفَسٍ طائفيٍ بغيض ومقيت، أدى إلى توسيع المد الشيعي لولاية الفقيه، بأدواته الماثلة في القتل والتهجير والتغيير الديموغرافي ، مستهدفاً بالأساس المُكون السني في لبنان وسورية والعراق واليمن !
أكثر من ذلك ، دعمت إيران أقليات المنطقة ، وإنشاء ميليشيات طائفية لخدمة الأجندة الإيرانية ، في تمزيقٍ مُتعمدٍ ، للنسيج الاجتماعي ، لدى شعوب ومجتمعات دولٍ كانت آمنة ومُستقرة .
على كل حالٍ ، السعودية ، لديها رغبة شديدة ، في خفض التصعيد مع إيران ، بما يخدم أمن واستقرار المنطقة ، والتوصل إلى تفاهمات معها ، حول كل القضايا العالقة بين البلدين ، بدليل حرصها على إجراء مباحثات معها ، برعاية عراقية ، وعُمانية ، خلال عامي 2021 و 2022 .
خلاصة القول التفاهم السعودي الإيراني الجديد ، يحتاج إلى نوايا حسنة ، ومبادرات إيجابية من جهة إيران ، تُهيئ سُبُل تعزيز المصالح المشتركة ، وقِيم حسن الجوار، ونأمل أن يتحقق ذلك لمصلحة السعودية وإيران أولاً ، ولضمان أمن واستقرار المنطقة ثانياً !

عين الوطن