الفكرة

بقلم : لانا خالد


لقد قرأت العديد من الكتب تحت عناوين مختلفة، لكُتاب عدة، وثقافات متنوعة، لأتوصل في النهاية إلى وجهة نظر، بأن أغلب كتب علم النفس ولربما أحيانا التنمية البشرية (التي لا أؤمن بها كثيرا)، إتفقوا على نقطة واحده، ألا وهي:
أن الإنسان بإختلاف جنسيته وعرقه ودينه ماهو إلا نتاج مجموعة من الأفكار، وأن أصعب حرب يقودها الإنسان: هي حربه مع ذاته وأفكاره، فإذا كان الإنسان يخاف مما يجهل فكيف بمن يجهل نفسه؟؟
فكيف بمن لا يعلم بإجابته عن سؤالين بسيطين من أنا؟ ولما أنا؟ وكيف يمكنني التغلب على أفكاري وأُسيطر عليها؟ دون جعلها هي من تسيطر علي؟ ومن اصدق المقولات التي قرأتها فهي -للفيلسوف الصينى لاوتسو- الذي قال:راقب افكارك، لانها ستصبح كلمات، راقب كلماتك، لانها ستصبح افعال، وراقب افعالك لانها ستتحول الى عادات، وراقب عاداتك لانها تكون شخصيتك، وراقب شخصيتك، لأنها ستحدد مصيرك.
الفكرة:
الفكرة تنتج عنها شعور والشعور يؤدي الى سلوك واذكر هنا فكرة الفيلم -inside out- الذي بسط لنا المشاعر بطريقة رائعه فمثل الغضب باللون الأحمر ،والسعادة باللون الأصفر ،والإشمئزاز باللون الأخضر ،والحزن أزرق انه فيلم رائع.
الفكرة أيضاً تكون مُخزنة في الذاكرة بمنطقة الاوعي (الذاكرة تحوي جزأين الوعي و الاوعي) فتصبح تلك الفكرة بمثابة مرجع لنا عندما نكبر،
وتتخرن الأفكار بمشاعرها من عمر صغير ،وسلوكنا في الكبر قد يكون نتيجة من فكرة كانت موجوده في الصغر،
مثال: الطفل ذو عمر الخمس سنوات الذي صرخ عليه والده لأي سببٍ كان ولم يستطع هذا الطفل الرد على والده (وهنا لا اقصد بالرد على الوالدين بصوت وصراخ دون طاعتهما او ما يخالف ديننا) المقصد ان يدافع الطفل عن حقه امام والده ، هو نفسه ذلك الشاب الذي صرخ عليه مديره لأي سبب كان ولكن لم يستطع حينها الرد على مديره واخذ حقه ، فهو بلا وعي تخزن لدى الطفل فكرة الخوف من الصراخ فنتج عنها شاب يخاف أيضاً ولا يعرف الرد ليأخذ بحقه، فالفكرة الأولى في الاوعي هي وحدها من تطفوا على السطح في مثل هذه المواقف وما هذا إلا مثال بسيط وهنالك الكثير .
جهلنا بأنفسنا وبأفكارنا وبمعتقداتنا ينتج عنها تشوهات معرفيه تؤثر على حياتنا بل وعلى تعاملاتنا مع ذاتنا ومع الأخر، قبل أن تتعامل مع الناس و تتعرف عليهم تعامل مع نفسك أولا وتعرف عليها فهي حقٌ عليك -هذا ما قاله سلمان الفارسي لأخيه أبي الدرداء عندما زاره فوجده قد انقطع للعبادة حتى أهمل حق زوجته وحق نفسه. فقال “إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ”. وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: [صدق سلمان].
فكل شخص يجهل بنفسه سيصبح مع الوقت إمعة تابع للأخرين ونسخةً منهم، وهذا ما ينتج الشخصية الضعيفة التي تنجذب مع التيار ،وخاصةً في زماننا هذا الذي طغى عليه عالم الإلكترونيات بل واصبح يتحكم فيه واذكر هنا مقولة قرأتها في أحد الكتب تقول: فيعالم السوشيل ميديا نحن لا نحدد اهدافنا بأنفسنا بل يتم إجبار نمط تفكيرنا على سلوك مسار معين. فالنتفكر.

وختاماً كان هذا بعض من بحر علم في الأفكار والمشاعر وكيفية التعامل معها.

‏“‎اللهم أعوذ بك ،من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءً، أو أجُرُّهُ إلى مسلم”
“اللهم أعِنّي عَليَّ فَإنِّي عَدوِّي، و أنت عَليمٌ بِكُلِّ الخَفايا”
“اللهمَّ آتِ نفسي تقواها، وزكِّهَا أنت خيرُ من زَكَّاهَا، أنت وَلِيُّهَا ومولاها، اللهمَّ إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نَفْسٍ لا تشبع، ومن دعوةٍ لا يُستجاب لها”.

عين الوطن