رمضان غذاء الروح والجسد

بقلم الأميرة العنود بنت فيصل بن جلوي آل سعود

شهر رمضان من خيرة أشهر السنه يُقام فيه ركن من أركان الإسلام وشعيرة يترقب حلولها المسلمين من جميع أنحاء العالم ترقب المشتاق التواق لرحمة الله سبحانه وتعالى؛ حيث يتجدد لهم ميعاد عظيم للعتق والغفران وتضاعف الحسنات، هي أيام معدودات ما إن نستقبلها مشتاقين حتى تغادرنا مسرعة واضعة بصمتها في عاداتنا اليومية وعلاقتنا الروحانية بالله سبحانه وتعالى، وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه).
ومن أهم كنوز هذا الشهر الفضيل التي يغتنمها المسلم أن يخوض تجربة صيام الروح؛ كون الصيام لا يقتصر فقط على العملية الجسدية بالامتناع عن المأكل والمشرب والخوض في الجوع، بل هي أسمى وأعمق من ذلك؛ حيث تشبع الروح بمائها وغذائها من خلال الأعمال الصالحة والتقرب إلى الله سبحانه بالعبادات بمختلف أشكالها من صيام وقيام وتلاوة القرآن … والابتعاد عن كل ما يغضبه من محرمات، فيصوم القلب عن الغل والحسد وتصوم الجوارح عن المعاصي، كصيام اللسان عن الشتم والكذب وصيام العين بكفها عن النظر للمحرمات.
ويبقى السؤال المهم …ما هي نتيجة الصيام عن الطعام والشراب لفترة طويلة؟ بالتأكيد هزل الجسد حتى الموت، كذلك الروح كما الجسد إن صامت عن المنكرات دون أن نُغذيها بالطاعات ستهزل وتهلك.
كما يدور في أذهان الكثير تساؤل من أين أتت هذه القوة الخفية التي تجعلنا في شهر رمضان نجتهد لصيام الجسد والروح مهما كانت الظروف، والجواب بكل بساطة أن الله هيأ الأسباب للمسلمين ليغتنموا هذه الفرصة العظيمة ليتقربوا إليه، وصفّد فيها الشياطين فلا شياطين تغوي ولا توسوس في نفوس المسلمين، وصب الروحانية على أرواح عباده ليثابروا لمرضاته.
فنفس الإنسان محبة للشهوات وهواها في الراحة، فنجدها تلح على صاحبها بتجنب القيام بالواجبات الدينية لما فيها من مشقة، ومع ذلك يغتنم الإنسان في رمضان الفرصة ويغذي روحه لمقاومة هواه، فيمنعها عن الطعام والشراب وغيرها من عادات سيئة مثل التدخين! ويلزمها على فعل الطاعات والعبادات حتى أبسطها مثل المبادرة بالسلام والابتسامة في وجوه المسلمين.
في الختام أود تذكير نفسي والقارئين الأعزاء على أن رمضان فرصة ثمينة لكل شخص أن يقف وقفة حازمة ليراجع نفسه ويتدبر أمور دينه ودنياه ويعالج ما يختلج أعماله من تقصير وهفوات ويسعى لتهذيبها وإرشادها لطريق الصواب الذي يرضي الله.
وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

عين الوطن