ماذا يجري في أوكرانيا ؟
د. عبدالمجيد الجلَّال
يبدو أنَّ عام 2023 ، وقد تبقى منه بضعة أيام ، قد شهِد تحولات سياسية وعسكرية في أوكرانيا ، في سياق صراعها المرير مع روسيا !
إذ ، ظهرت خلافات سياسية وعسكرية كبيرة على الساحة الأوكرانية ، بين القيادتين السياسية والعسكرية ، خاصة بين الرئيس فولوديمير زيلينسكي ورئيس هيئة الأركان الجنرال فاليري زالوجني ، بشأن ما عُرف بمسار واستراتيجية الحرب مع روسيا !
أكثر من ذلك ، جرى إقالة وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، من منصبه ، وهناك أخبار غير مؤكدة عن احتمال إقالة رئيس هيئة الأركان زالوجني !
ويبدو أنَّ هذه الخلافات المُتفاقمة داخل الإدارة الأوكرانية تعود أساساً ، إلى تعثّر الهجوم الأوكراني المُضاد ، الذي ظلت كييف تستعد له طويلاً ، بمساعدة مباشرة ، من شركائها الغربيين !
إذ لم تستطع أوكرانيا استعادة سوى عشرات الكيلومترات المربعة فقط ، في مواقع متفرقة من مقاطعتي دونيتسك و زاباروجيا ، جنوب شرقي البلاد، وهناك شكوكٌ كبيرة حول تحرير هذه المناطق، إذ لا تزال تجري فيها مواجهات ساخنة بين روسيا وأوكرانيا!
وقد لجأت أوكرانيا ، بعد إخفاق هجومها المُضاد ، إلى تغيير نمط عملياتها العسكرية ، بالتحول إلى استهداف المواقع الحيوية والحساسة في العمق الروسي ، من بينها موسكو ومبنى الكرملين ، كما استهدفت كذلك طرق ومواقع لوجستية وقواعد عسكرية في المقاطعات الأوكرانية المحتلة ، بما فيها شبه جزيرة القرم ، خاصة قاعدة الأسطول البحري في سيفاستوبول !
ويدعي خبير أوكراني عسكري ، أنَّ هذا التحول في مسار الحرب ، قد أفشل محاولات روسيا في الاستحواذ على أراضٍ أوكرانية جديدة ، كما أضعف سيطرة موسكو على الأراضي الأوكرانية المحتلة ، وقد يُمهد لتحريرها ، ولكن من المؤكد أنَّ تصريحاته هذه ، بمثابة بروباغندا إعلامية وسياسية لا أكثر ولا أقل !
كذلك ، من تطورات مسار الحرب في عام 2023 تعزيز أوكرانيا لقدراتها الدفاعية ، بمنظومات دفاع جوية متطورة ، أبرزها باتريوت الأمريكية وآريس الألمانية ، وقد أسهمت في حماية العاصمة ، ومدن رئيسة أخرى من القصف الروسي !
كما نجحت أوكرانيا في تأمين محطات الطاقة وشبكاتها ، فلم تشهد انقطاعًا للكهرباء على نطاق واسع !
من جهة أخرى ، يقول مراقبون للحرب الروسية الأوكرانية أنَّ هناك تراجع في الاندفاع الأمريكي والأوروبي لدعم أوكرانيا ، خلال النصف الثاني من عام 2023 ، وتحول مفاجئ لدعم إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة !
على كل حالٍ ، وفي ثاني سنوات الحرب الأوكرانية الروسية التي بدأت في فبراير 2023 ، يبدو مشهد الاستمرار في الحرب ، مكلف لكافة القوى المتورطة فيها ، فقد أُنهكت اقتصادات الغرب ، والاقتصاد الروسي ، كما تراجع دعم أوكرانيا ، وظهرت خلافات سياسية وعسكرية مريرة داخل الساحة السياسية الأوكرانية !
خلاصة القول ، على عقلاء البلدين ، البحث عن صيغة سلام ممكنة بين الجارين اللدودين ، وعلى عقلاء البلدين كذلك ، إدراك أنَّ أهداف الغرب تكمن في تدمير قدرات روسيا وإمكاناتها العسكرية ، ويتم استخدام أوكرانيا كأداة لتنفيذ أهدافه ، حتى آخر جندي أوكراني !