إسلام بلا مسلمين أم مسلمون بلا إسلام
بقلم _ صالح المسعودي
اسئلة كثيرة تتابعت في رأسي وتلاحقت حتى كدت أفقد السيطرة على تركيزي ، فقد أجهدت نفسي بحثًا عن إجابات مقنعة لتلك الاسئلة المتوالية التي تشبه أمواج البحر الهائج ، ولو أنني أمتلك الشجاعة الأدبية الكافية لأصرح لكم بما دار من حوار بيني وبين نفسي لفعلتها ، ولولا أنني خشيت أن يتم تأويل كلامي وإخراجه من معناه وما قصدت قوله لفعلتها أيضًا ، ولكنني سأحاول أن اُبسط واختصر كل تلك الأفكار.
هذه بعض الأسئلة الملحه التي أرقتني كثيرًا "هل نستحق لقب مسلمين ؟ " ، " وهل القرآن تنزل على سيدنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- لنكون نحن ورثة هذا الدين العظيم ؟" ، "وهل لو خرج علينا سيدنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - الآن سيعرفنا بحسب المواصفات التي بثها وتركها فينا ؟"، " هل لو عاد الآن سيدنا عيسى -عليه السلام - ليقتل المسيح الدجال سيجد مسيح دجال واحد وقد امتلأت الأرض بالظالمين والكاذبين ؟"، "وهل سيجد من الموحدين والطيبين والصادقين العدد الكافي لكي يذهب بهم إلى جنة عرضها السماوات والأرض ؟"
بالتأكيد هناك الكثير والكثير من الاسئلة التي جالت بخاطري وأنا أراقب عن كثب حال الأمة وما وصلنا إليه من حال مُزري على جميع الأصعدة ، فلا إتباع اِنتهجنا ولا بأخلاقٍ تمسكنا ولا بعدالة تُركت فينا تساوينا وتوحدنا ، بل إننا أصبحنا نطعن في "الغرب الكافر" ونقول فيه ما في الخمر في الوقت الذي يتعامل هو بروح الإسلام تاركًا لنا المُلهيات من تنافس قذر على الدنيا والسلطة ليظلم بعضنا بعضًا ويقتل بعضنا بعضًا دون اِكتراث لدين من المفروض أنه دين السلام والأخلاق ، بل أننا قد نستغل الدين نفسه للبحث عن السلطة ونقتل بعضنا بعضًا باسم الدين.
فمثلاً في الصين والهند هناك مئات الأديان والآلهة والكتب ، ولكنهم يعيشوا في سلام وتناغم ، أما نحن فنعبد إله واحد ورسولنا واحد وكتابُنا واحد ورغم ذلك كما قال أحد زعماء الغرب تمتلئ شوارعنا بلون الدم من تقاتل وتناحر.
يقول رسولنا الكريم إن صح عنه " أنا جد كل تقي ولو كان عبدًا حبشي ، وبريء من كل شقي ولو كان حرًا قرشي " ، ويقول لا فرق بين عربي ولا عجمي ولا ابيض ولا أحمر ولا أسود إلا بالتقوى أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، والناس في الإسلام كأسنان المشط كما هم في صلاتهم يركع غنيهم وفقيرهم في حركة واحدة ويسجد صغيرهم وكبيرهم في تساوي مُذهل.
ولكن هل هذا هو الحال الآن في عالمنا العربي والإسلامي فلا شيء من هذا " إلا من رحم ربي " ، فالأسود يصبح رئيس لأكبر دولة في العالم ولم يسأل أحد عن والده ووالدته وجده الزنجي بل نظر الغرب "الكافر" حسب وصفنا له إلى عمله وما يقدمه لوطنه من فكر وإخلاص ، أما نحن "وما أدراك ما نحن" عندما تتقدم لوظيفة لا تُسمن ولا تغني من جوع تجد من يقول لك "إن جدك لوالدتك كان عليه قضية في الأربعينات من القرن الماضي وهي عدم مقاومة الجراد فلا تصلح للوظيفة ؟"
يدعونا رسولنا الكريم إذا ما دخلنا حربًا ألا نقتل شيخًا ولا امرأة ولا طفلاً ولا نقطع شجرًا ولا نقتل حيوانا بطرًا ولا نعذب أسيرًا، ثم نجد من يخرج من سجون العدو مستوفي للصحة والعناية الطبية وتقول " الأمم المتحدة " عن سجوننا في سوريا أنها عبارة عن "مسلخ بشري" فهل هذه هي تعاليم الإسلام أم أننا أصبحنا نسيء للإسلام و نُشوه صورته أمام العالم الذي لا يتوانى هو أيضًا في إلصاق التُهم بالإسلام والمسلمين معتمدًا على ما وصلنا إليه من حال أسأنا فيه إلى أنفسنا وديننا بأيدينا.
كان لزامًا علينا قبل محاربة الغرب " الكافر " كما ندعي أن نلتزم بتعاليم ديننا العظيم من حسن خلق وعدل ومساواة ، وهنا ليس المطلوب منا أن نعود إلى عصر الصحابة فهذا لن يحدث ، ولكن علينا أن نتشبث بالثوابت التي أورثنا إياها رسولنا الكريم من خلال التحلي بأخلاقياته التي جعلته يزور اليهودي الذي كان يؤذيه عندما تأخر عن أذاه فعلم أنه مريض فعاده ليضرب لنا أروع الأمثلة في حسن الخلق.
يجب أن نتقي الله في أوطاننا فلا نتبع كل ناعق يبحث بخبثه ودوافعه الدفينة عن تفريق كلمتنا وتشتيت شملنا ، يجب أن نتقي الله في ديننا الذي أسأنا إليه أكثر مما أحسنا وأعطينا الفرصة بتصرفاتنا للغير أن يطعن في ديننا ويوصمه بما هو ليس فيه من تطرف وإرهاب ونتذكر جميعا ونذكر العالم كيف فتحت دول وتدافع الناس للدخول في الإسلام بسبب أخلاق التجار المسلمين من صدق وطهارة وحسن خلق ، فهل عجزنا أن نتشابه مع أجدادنا رغم ما نحن فيه من تقدم ؟
( اِستقيموا يرحمكم الله )
اقرأ أيضاً






