د. عبدالمجيد الجلاَّل
لم تكن القمة الخليجية في نسختها الثالثة والأربعين … قمة عادية ، بل كانت استثنائية بكل قراراتها وتوصياتها !
اهتمت أساساً ، وهذا الأمر في غاية الأهمية ، بإعادة دراسة فكرة الاتحاد الخليجي، التي طُرحت منذ سنوات عِدّة ، إبان عهد الملك عبدالله رحمه الله ، فنظر قادة الخليج إلى مسألة الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد ، ووجهوا الجهات المختصة في أمانة المجلس ، باستكمال النظر في هذه المسألة عالية الأهمية ، ورفع نتائج ذلك إلى القمة الخليجية القادمة المقرر عقدها في سلطنة عُمان الشقيقة.
لاشك أنَّ الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد ، سوف يحوّل مجلس التعاون الخليجي ، إلى كيانٍ أكثر قوة وتماسكاً ووحدة ، لتعزيز أمنه المُشترك ، ومواجهة كل التحديات المُحيطة به ، بما يُتيح لعجلة التنمية أن يتسارع وتيرها ، وإنجازاتها، على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والأمنية !
والأهم استكمال متطلبات السوق الخليجية المُشتركة ، والعُملة الموحدة ، والاتحاد الجمركي ، ومشروع سكة الحديد الخليجية .
بالتأكيد هذه أخبار جيدة وطيبة ، وتؤكد حرص قادة الخليج على بذل أقصى الجهود الممكنة لتعزيز مكانة مجلس التعاون الخليجي وأدواره الإقليمية والدولية ، وإضفاء الرفاه والحياة الطيبة على شعوبه ومكوناته .
دعونا نسترجع أحداث قصة تاريخية ، ذات صلة ، بأحداث اليوم ، فقد نقل الرواة قديماً ، عن القائد المسلم المهلب بن أبي صفرة ، وصيته لأبنائه السبعة ، إذ أمرهم بإحضار رماحهم مجتمعة ، وطلب منهم أن يكسروها ، فلم يقدر أحد منهم على كسرها مجتمعة ، فقال لهم : فرقوها، وليتناول كل واحد رمحه ويكسره ، فكسروها دون عناء كبير، فعند ذلك قال لهم: اعلموا أنَّ مثلكم مثل هذه الرماح ، فما دمتم مجتمعين ومؤتلفين يُعضّد بعضكم بعضا، لا ينال منكم أعداؤكم غرضا ، أما اذا اختلفتم وتفرقتم ، فإنه يضعف أمركم، ويتمكن منكم أعداؤكم، ويصيبكم ما اصاب الرماح ، ثمَّ أنشد رحمه الله هذه الأبيات :
كونُوا جميعَاً يا بَنِيَّ إِذا اعتَرى خَطْبٌ ولا تتفرقُوا آحادَا
تأبَى الرماح إِذا اجتمعْنَ تكسُّراً وإِذا افترقْنَ تكسَّرتْ أفرادَا
لذا ، فالمطلوب من دول الخليج ، أن تظلَّ مُجتمعة ، على قلب رجل واحد ، لا تعبث بها الخلافات والمناكفات ، وتحرص كل الحرص ، على تماسك دول المجلس، ونبذ خلافاته ، وتحقيق المزيد من خطوات التنسيق والتكامل والترابط ، بين أعضائه ، في سياق العمل الخليجي المُشترك ، والوقوف صفاً واحداً لمواجهة كل التهديدات والمخاطر التي تحيط بدوله وشعوبه .