نظام العمل والحاجة للتعديل
بقلم| محمد بن عبدالهادي الجهني
العمل حق مشروع كفله النظام لكل مواطن كونه اهم مصادر الرزق للبشرية ومن اجل ذلك شرعت الأنظمة والقوانين المنظمة للعلاقة العمالية بين العامل وصاحب العمل وفي المملكة يوجد نظامين نظام يخص العاملين في القطاع العام (نظام الخدمة المدنية) ونظام العمل والخاص في القطاع الخاص ويشمل بعض الفئات من العاملين بالقطاع العام ويعتبر الخاضعين للنظام العمل هي الشريحة الاكبر وهم الاكثر عرضة للتأثر في للتقلبات الاقتصادية الامر الذي يجعل من نظام العمل احد اهم الانظمة ومع ان نظام العمل السعودي قد سعى الاحداث التوازن بين حقوق العامل وحقوق صاحب العمل بحيث يجمع بين حرية العامل وسلطة وصلاحية صاحب العمل ولكون النظام نتاج لجهد بشري فلأغرابه ان تعتريه بعض جوانب القصور الناتجة عن تغير الظروف والمستجدات من فترة الي اخرى وهي جوانب ربما لا تكون واضحة للجميع ولكنها واضحة لمن يمارس تطبيق النظام وخاصة العاملين في القضاء العمالي وبنظرة سريعة تتضح بعض الثغرات التي تحتاج الي معالجة وذألك بأعاده صياغة بعض المواد أو اضافتها للنظام فإذا نظرنا الي :
المادة الثامنة(8) والتي نصت على ( يبطل كل شرط يخالف احكام هذا النظام ويبطل كل ابراء او مصالحة عن الحقوق…..اثناء سريان عقد العمل مالم يكن اكثر فائده للعامل…..) ومع ان المادة ذات طابع حمائي للعامل كونه الطرف الاضعف الا ان المشكلة التي تواجهنا في احيان كثيرة اثناء نظر القضايا العمالية تتمثل في ان العامل يطالب بمستحقات مالية بعينها بينما يدفع صاحب العمل بأن العامل قد استلم حقوقه ووقع على (المخالصة) وفي ذات الوقت العامل المدعي ينكر صحة استلام المستحقات ولكن يقر ويعترف بصحة التوقيع على المخالصة تحت حجج مختلفة منها الضغط عليه أو الاكراه أو الحاجة الماسة للحصول على جزء من المستحقات أو اخلاء الطرف للالتحاق بعمل اخر أو الموافقة على نقل خدماته…….الخ صحيح ان المرء مؤاخذ بعمل يده ولا انكار بعد اقرار ولحسم الخلاف على صحة المخالصة وإنفاذها فمن الملائم اضافة مادة خاصة بالمخالصة تشتمل على جزئيين أ/ حق العامل في الاعتراض على نص المخالصة خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ التوقيع عليها ب/ الزام صاحب العمل بتقديم ما يثبت استلام العامل للمستحقات فعلياً مثل تقديم ( سند الصرف – الشيك – حواله بنكيه…)
المادة الخامسة والعشرون(25) من النظام والخاصة في تسجيل بيانات العاملين لدى صاحب العمل والتي تعد مخالفتها (سعودة وهمية) وتعني: قيام صاحب العمل بتسجيل اسم احد المواطنين ضمن العاملين لديه في قوائم الموظفين المقدمة للجهات الحكومية بينما هو في الحقيقة لا يعمل لديه – وربما لا يعلم انه قد تم اضافته كموظف لدى هذه الجهة او تلك – وذلك بهدف الحصول على بعض الخدمات المقدمة من قبل الحكومة.
وفي هذه المخالفة والتي ترقى الي ان تكون جريمة حيث يتحقق فيها ثلاثة أمور::
ا/ وقوع جريمة تزوير مكتملة الاركان وموجبة للعقوبة تتمثل في تقديم بيانات في محرر رسمي لجهة حكومية بغرض تحقيق فائدة
ب/ حصول صاحب العمل على مميزات وخدمات حكومية غير مستحقة بناء على بيانات غير صحيحه
ج/ تحقق وقوع الضرر على المواطن الذي تم تسجيل اسمه لدى صاحب العمل بطريقة غير مشروعه ومخالفة للنظام وحرمانه من بعض الفرص الوظيفية وغيرها من المنافع.
ومع ذألك نجد ان النظام قد اقتصر على اعتبار ذألك مخالفة للنظام وقرر ايقاع عقوبة مالية فقط على صاحب العمل وسكت عن الاجزاء الاخرى من المخالفة حيث خلاء النظام من اية عقوبات جنائية ذات طابع شخصي لمرتكب المخالفة والمسؤول عنها مثل (الايقاف — السجن – ونحوهما ..)
عليه فانه من المناسب اضافة مادة للنظام تشتمل على ما يلي:
1/ تجريم مثل هذا التصرف من صاحب العمل باعتباره عملية تزوير وإحالة مرتكبة الى جهة الاختصاص وفقاً للنظام الجزائي لجرائم التزوير كون الجرم واحد.
2/ الزام صاحب العمل بتعويض المواطن المستغل اسمه من قبله مادياً وفقاً للراتب المسجل لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في حالة مطالبته بذلك حيث تقع المسئولية المدنية على صاحب العمل والتي تلزم الشخص بالتعويض عن الضرر الذي يسببه للشخص الاخر، وهذه الجزئية تنطبق على من يقوم بفصل احد العاملين لديه من السعوديين ويمتنع عن حذف واسقاط اسمه من قوائم العاملين لديه لدى المؤسسة العامة للتأمينات ما يلحق به الضرر.
المادة السابعة والثلاثون(37) : جاء فيها (يجب ان يكون عقد عمل غير السعودي مكتوب ومحدد المدة واذا خلا العقد من بيان مدته تعد مدة رخصة العمل هي مدة العقد بينما تنص المادة الخامسة والخمسون الفقرة الثانية على : اذا تضمن العقد المحدد المدة شرطاً يقضي بتجديده لمدة مماثلة او لمدة محدده …..فإن تعدد التجديد ثلاث مرات متتالية او بلغت مدة العقد الاصلي مع مدة التجديد أربع سنوات ايهما أقل …..تحول العقد الي عقد غير محدد المدة …) وبالنظر للمادتين نجد ان هناك تفرقه بين العامل السعودي وغير السعودي ولمصلحة غير السعودي حيث انه في حالة عقد محدد المدة من ناحيه ومن جهة اخرى رخصة العمل الذي حلت محل العقد خاضعة للتجديد بشكل سنوي بقوة النظام ما يعني ان رخصة العمل قد تعدد تجديدها لأكثر من ثلاث مرات متتالية وبذات الوقت تجاوزت خدمة العامل اربعة سنوات ولازال في حالة العقد محدد المدة وبالتالي وجود تعارض بين نص المادتين (ومن الافضل ان تكون العقود موحدة).
المادة الأربعين(40) :جاء فيها ( …يتحمل صاحب العمل …….وتذكرة عودة العامل الي موطنه ……) ولم تحدد المادة وسيلة النقل التي يتم اعادة العامل من خلالها الي موطنه وكثير ما تردنا استفسارات من قاضي التنفيذ بهذا الشأن وعليه يفضل اضافة نص بذلك للمادة كتالي( مالم يحدد عقد العمل وسيلة النقل التي يتم استقدام العامل واعادة عن طريقها تكون أعادة المدعي الي موطنه بذات الوسيلة التي استقدم من خلالها..)
المادة الحادية والخمسون(51) نصت على (ان يكون العقد مكتوب ومن نسختين ويحتفظ كل طرف بنسخة…الخ الا ان الواقع يثبت بان ذألك لا يكفي لحفظ حقوق الطرفين وخاصة العامل حيث يلجأ كثير من اصحاب العمل الي تدوين راتب اقل من راتب العامل الفعلي لدى المؤسسة العامة للتأمينات بهدف التهرب من سداد نسبة الاشتراك كامله ومع مخالفة ذألك للنظام الا انه يترتب عليه امران وهما:
أ/ تقديم بيانات غير صحيحة أدت الي حرمان العامل من الراتب التقاعدي المستحق له وفقاٍ للراتب الفعلي. وكذألك راتب التعويض عن التعطل عن العمل (ساند) في حالة الفصل
ب/ حرمان المؤسسة العامة للتأمينات من نسبة الاشتراك المستحقة فعلياً والتي تمكنها من الوفاء بالتزاماتها اتجاه المشتركين.
لذا فان الواقع يحتم تعديل المادة بحيث ينص على (ان يكون العقد من ثلاث نسخ يحتفظ كل طرف بنسخه وتزود المؤسسة العامة للتأمينات بنسخه ) حفظ لحقوق جميع الاطراف.
المادة الرابعة والستون(64): تحدثت عن حق العامل بشهادة الخدمة واستعادة جميع الوثائق الخاصة به…الخ
في حين سكت المنظم عن اخلاء الطرف ومن وقاع التجربة فقد اصبح اخلاء الطرف مطلب رئيسي لكثير من الشركات للمتقدمين على الوظائف حيث تشترط اخلاء الطرف من العمل السابق وهنا تكمن المشكلة حيث يتعنت بعض اصحاب العمل بمنح العامل اخلاء طرف وكذلك شهادة خدمه ما يتسبب في ضياع الفرص الوظيفية عليه .
ولتفادي ذألك فمن المهم اضافة نص للمادة يلزم صاحب العمل بمنح العامل بعد انتهاء علاقة العمل بين الطرفين شهادة الخدمة وكذألك اخلاء الطرف خلال مدة لا تتجاوز اسبوع واحد من انتهاء العلاقة مالم يكن هناك مانع نظامي من ذألك .. وللعامل الحق في مطالبة صاحب العمل بالتعويض عن ما قد يقع عليه من اضرار حاله ومحتمله نتيجة امتناع صاحب العمل عن منحة شهادة الخدمة واخلاء الطرف خلال المدة النظامية.
المادة الخامسة والسبعين(75) نصت على ( اذا كان العقد غير محدد المدة جاز الأي من طرفيه انهاؤه بناء على سبب مشروع يجب بيانه بموجب شعار يوجه الى طرف الاخر كتابياً قبل لأنهاء بمدة….على ان لا تقل عن ستون يوماً…..الخ
المادة السادسة والسبعين(76): اذا لم يراع الطرف الذي انهى العقد غير المحدد…. فإنه يلتزم بأن يدفع للطرف الاخر مهلة الاشعار مبلغاً مساوياً.) ونجد ان النظام في هاتين المادتين قد الزم الطرف الذي أنهى العقد لسبب مشروع بأشعار الطرف الاخر بمدة لا تقل عن ستين يوماً أو بأن يدفع مبلغا مساوياً للمهلة بينما سكت عن ذألك في حالة الأنهاء غير المشروع وبالتالي اذا كان (الأشعار) ملزم مع مشروعية الانهاء فأنه من باب اولى أن يكون ملزم ومستحق في حالة الأنهاء غير المشروع.
المادة السابعة والسبعين(77) ذائعة الصيت وأكثر المواد شهرة نتيجة تعدد ضحاياها ولكونها تحت الدراسة حالياً وقد تحدث عنها كثيرون فاكتفي بالقول بأن أفضل تعديل لهذه المادة هو (اعادتها لما كانت عليه سابقاً) ولعل من غرائب وطرائف هذه المادة والتي جاء فيها (مالم يتضمن العقد تعويضاً محددا مقابل إنهائه……..) ففي أحد القضايا التي تم نظرها في الهيئات ان قدم عقد عمل نص فيه استناداً للمادة على تعويض عن الفصل ومقداره (مئة ريال فقط).
المواد (109 و110 و111) نصت هذه المواد على استحقاق العامل للإجازة من حيث المدة ووقت التمتع بها وتأجيلها والحق في الحصول على اجرة الاجازة المستحقة اذا ترك العمل قبل استعماله لها ..الخ
ويمكن محل الخلاف بين العامل وصاحب العمل عند مطالبة العامل بصرف بدل أو راتب الاجازة عن كامل مدة الخدمة والتي قد تصل فيها خدمة بعض العمال لمدة تزيد على عشرون عاماً في حين ان نظام العمل لم ينص على حد أدنى أو اعلى يحق للعامل الاحتفاظ به كرصيد إجازة عن كل سنة من سنوات الخدمة في حالة عدم التمتع بالإجازة بحيث يسقط حقه في المطالبة بالتعويض عن ما زاد على ذألك كما هو الحال في نظام الخدمة لمدنية ولتفادي حدوث مثل هذا الخلاف من المناسب اضافة نص للمادة يحسم النزاع مثلاً ( يحق للعامل الاحتفاظ برصيد اجازات بما لا يتجاوز تسعون يوماً عن سنوات الخدمة فقط وعلى صاحب العمل إبلاغ العامل كتابياً عند حلول تاريخ استحقاق الاجازة وتمكينه من التمتع بها وفي حالة عدم رغبة العامل التمتع بإجازته عند تاريخ استحقاقها وجب عليه ابلاغ صاحب العمل كتابياً..
المادتين مئتان وستة عشر و مئتان وخمسة وعشرون(216و225):
تختص كل دائرة…..بالفصل نهائيا وبالدرجة القطعية…..الخ
لا يجوز لأي من الطرفين المتنازعين اثارة النزاع الذي صدر قرار نهائي بشأنه….الخ
من الطبيعي ان تكون احكام وقرارات درجة الاستئناف نهائية ولكن موضع الخلاف ان النظام واللائحة لم يتطرق اي منهما لما قد يحدث بعد ان يصبح الحكم نهائي وذألك بعد ظهور أدلة جديدة أو تكشف حقائق قد تكون غائبة في مرحلة الحكم وبذات الوقت مؤثرة وحاسمه في نتيجته. وقد تكرر حدوث ذألك في أكثر من قضية ما وضع جميع الاطراف في مأزق لعدم وجود نص نظامي يعالج مثل هذه الاشكالية.
عليه فأنه من المناسب اضافة مادة تتيح لطرفي الدعوى وجهة التقاضي الحق في اعادة النظر فيها في حالة ظهور ادلة جديده مؤثرة وحاسمه في مسار القضية مثل ثبوت تزوير بعض المستندات التي بني عليها لحكم ..ثبوت ان شهادة الشهود او احدهما شهادة زور….. وان يكون اعادة النظر وفقاً للضوابط المحددة.
المادة مئتان واثنان وعشرون(222):
نصت على ( لا يقبل امام الهيئات…دعوى متعلقة بالمطالبة بحق من الحقوق ….بعد مضي اثني عشر شهر من تاريخ انتهاء علاقة العمل…)
نجد المادة هناء حددت المدة الزمنية لتقديم الدعوى خلالها. فيما لم تتطرق لوضع حقوق العمال الذي فاتت عليهم المدة وخاصة ان بعض الحقوق (ممتازة) مثل الرواتب ومعلوم بان مضي المدة(التقادم) لا يسقط الحق المطالب به ولا تبراء به الذمة . وفي هذه الحالة أراى بان الحق المطالب به قد تحول الي مديونية عادية يحق للعامل المطالبة بها امام القضاء العام حسب مقدار المبلغ وهو ما يستوجب اضافة نص للمادة بذألك.
المادة مئتان وسعة وعشرون:(227):
يجوز للهيئة ان تحكم على من خسر الدعوى…….الخ.
وفقاً لنص المادة الامر جوازي وتقديري لناظر الدعوى الا انه مع تزايد القضايا المنظورة وتعمد بعض اصحاب العمل المماطلة بالسداد واضطرار بعض العمال لتنصيب محام نيابة عنهم لمتابعة الدعوى وكذألك كيدية بعض الدعوى المقامة ضد اصحاب العمل
فأنه من الضرورة بمكان ان يكون الحكم في اتعاب الدعوى (اتعاب المحاماة) على من يخسر الدعوى وجوبية وليس جوازيه حيث ان في ذألك رفع للضرر عن صاحب الحق الذي اضطر لإقامة الدعوى ودفع اتعاب اقامتها من اجل الحصول على حقه المشروع وفي ذات الوقت فيها ردع لمن تسول له نفسه المماطلة في دفع مستحقات الاخرين أو اقامة الدعوى الكيدية ضدهم.
مع ملاحظة: ضرورة تحديد أليه واضحه لتقدير المبلغ المستحق مقابل ذألك مثل الاخذ بمعيار (الجلسة) حيث يكون مقابل كل جلسة مبلغ معين حتي يسهل على ناظر الدعوى معرفة مقدار المبلغ المستحق.
إضافة لما سبق ذكره نجد ان هناك حالات لم ينص عليها في النظام ومنها حالة تقديم العامل لطلب الاستقالة حيث لم يحدد النظام المدة الزمنية لصاحب العمل لقبول الاستقالة او رفضها ولم يرد في النظام ماهي المدة المسموح خلالها للعامل العدول والتراجع عن طلب الاستقالة.
كذألك حالة الفصل من قبل صاحب العمل فإذا أصدر صاحب العمل قرار يقضي بفصل العامل وتبلغ به العامل رسمياً متي يحق لصاحب العمل التراجع والغاء القرار ماهي المدة الزمنية وهل يعد العامل المفصول ملزم بالعودة للعمل بعد فصله ام يحق له الرفض ويستحق التعويض..
فضلاً عن موضوع الحق في تجمع العمال وتجمهرهم في مكان معين للمطالبة بحق بعينه من عدمه والتي تمنع بموجب قرار من وزارة الداخلية خاصة بعد حدوث بعض الحالات في الآونة الأخيرة نتيجة اخلال بعض القطاعات الخاصة في التزاماتها الجوهرية وخاصة (الرواتب).
اقرأ أيضاً