تحدث وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت، في مقال له بمجلة بوليتكو الأميركية، عن الوضع في اليمن، وتأثير الحرب عليها وأهمية التوصل إلى حل سلمي.
وقال الوزير إنّه بالنسبة للدبلوماسيّة البريطانية فإن التوصل إلى حل سياسي يُعد ذا أولوية.
وأشار وزير الخارجية البريطاني إلى أن الحرب اليمنية قد اشتعلت قبل أن تتدخل السعودية، وأن السعودية تمتثل لقرار الأمم المتحدة 2216 في سعيها لإعادة الحكومة اليمنية الشرعية.
وقال جيرمي هنت، في مقاله، إنه يوجد الآن طريق للسلام بعد اتفاقية ستوكهولم التي نتج عنها وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة الحيوية، كما أشار إلى أن العلاقات الاستراتيجية البريطانية مع السعودية والإمارات تمنح بريطانيا الفرصة للتأثير. وذكر الوزير أن بريطانيا تستطيع إيقاف تصدير السلاح وقطع العلاقات، إلا أن ذك سيجعل لندن تتنازل عن نفوذها، كما سيجعل صوتها مهمشاً في كافة أحداث اليمن.
وأوضح الوزير أن الطريق الصحيح بالنسبة لبريطانيا هو الاستمرار في توظيف كل مجالات النفوذ لحث الأطراف على الإيفاء بالالتزامات التي اتفقوا عليها في ستوكهولم، حاثًا الاتحاد الأوروبي على استخدام صوته القوي.
وأشار الوزير إلى أن حوالي 24 مليون يمني يعتمدون على مساعدات الطوارئ فيما يتعلّق بالغذاء والدواء. ويقل إجمالي عدد السكان عن 30 مليون نسمة، وذلك يعني أن 80% على الأقل من جميع اليمنيين يعانون على هذا النحو. كما يعاني ما لا يقل عن 1.8 مليون طفل من سوء التغذية الحاد.
واعتبر هنت أن “وراء هذه الأعداد الصارخة أُناس حقيقيّون – أمهات وآباء وأطفال. ولكن الحقيقة الملموسة هي أن محنة اليمن ليست نتيجة كارثة طبيعية بل صراع مأساوي من صنع البشر”.
وحسب الوزير البريطاني فإن “البعض يقول إن بريطانيا قد ساهمت في الأزمة بسبب مبيعات الأسلحة لبعض الدول. ولكن في الواقع، يوجد لدينا بعضاً من أصرم المبادئ التوجيهية لتصدير الأسلحة في العالم، لقد جعلت مهمة البحث عن حل سياسي في اليمن أولوية مركزية للدبلوماسية البريطانية. على الرغم من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لم يتراجع تركيزي على اليمن. لذلك في هذه الأوقات المهمّة، إذا أردنا إحراز تقدّم، يوجد لدي ثلاث ملاحظات”.
وعدد الوزير ملاحظاته وأولها “دقة السرد التاريخي أمر جوهري، حيث لم تبدأ هذه الحرب بتدخل التحالف الذي تقوده السعودية، بل بدأت قبل ستة أشهر، في سبتمبر 2014، عندما استولى المتمردون الحوثيون – الذين يمثلون أكثر من 15% من السكان – على معظم العاصمة صنعاء وطردوا الحكومة المعترف بها دولياً. لقد بدأت السعودية وحلفاؤها عملياتهم في مارس 2015 لإعادة تلك الحكومة، بما يتوافق مع قرار الأمم المتحدة 2216، وكانت اليمن في حالة حرب قبل أن يشنّ التحالف أي غارة جوية”.
وثاني الملاحظات التي تحدث عنها الوزير البريطاني فإنه “يوجد الآن طريق للسلام. إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ستوكهولم في ديسمبر هو أول مرة يعقد فيها الحوثيون والحكومة اليمنية محادثات سلام مباشرة منذ عام 2016، لقد ذهبت إلى ستوكهولم بنفسي لتشجيعهم على إحراز تقدم، وكانت النتيجة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، بما في ذلك الميناء الحيوي الذي تحصل اليمن من خلاله على حوالي 70% من وارداتها الغذائية”.
وأضاف: لقد استمر وقف إطلاق النار الهش خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إلا أن المرحلة التالية من اتفاقية ستوكهولم، والتي تنص على إعادة نشر الطرفين لقواتهم بعيدًا عن الحديدة، لم تنفذ، وما لم يحدث ذلك، فمن غير المحتمل أن يستمر وقف إطلاق النار.
وأوضح هنت في مقاله أن “أولويتي العاجلة هي الضغط على جميع الأطراف لتنفيذ اتفاقية ستوكهولم، وهذا هو السبب في زيارتي للبلدان الأكثر مشاركة في النزاع في وقت سابق من شهر مارس، حيث كنت أول عضو في مجلس الوزراء البريطاني يقوم بزيارة رسمية إلى عدن منذ دينيس هيلي في عام 1965”.
وآخر ملاحظات الوزير البريطاني في مقاله “أن تاريخ بريطانيا وقيمنا تتطلب منا أن نؤدي دورنا في إحداث فرق بناء في الشرق الأوسط – وتمنحنا روابطنا الفريدة في المنطقة القدرة على القيام بذلك، وتتيح لنا علاقتنا الاستراتيجية مع السعودية والإمارات الفرصة للتأثير على قادتهم، وقد قمت بزيارتين لكلا البلدين منذ أن أصبحت وزيراً للخارجية في يوليو الماضي”.
واعتبر الوزير أنه “بطبيعة الحال، فإننا نستطيع أن نُقرر إدانتهم بدلًا من ذلك. كما نستطيع – مثلما يدعو إليه النُقاد – إيقاف التصدير العسكري وقطع العلاقات التي حرصت الحكومات البريطانية من جميع الأحزاب على المحافظة عليها على مدى عقود من الزمن”.
لكن “قيامنا بذلك يعني أيضاً التنازل عن نفوذنا، كما أنه سيجعلنا مهمشين في كافة أحداث اليمن. وسوف يؤدي الأمر إلى أن تنص سياستنا على جعل الأطراف يتقاتلون فيما بينهم حتى آخر رمق، في حين نُدينهم بشكل عقيم ونحن نقف على هامش الصراع”، وفق هنت.
كما اعتبر هنت أن “من شأن هذا الأمر أن يكون بلا قيمة أخلاقية، كما سيكون الشعب اليمني أكبر الخاسرين فيه. ولو قمنا بذلك، فإن من غير المرجح أن نرى اتفاق ستوكهولم أو وقف إطلاق النار الساري الآن على نطاق واسع في الحديدة”.
ورأى الوزير البريطاني أن “الطريق الصحيح بالنسبة لنا هو الاستمرار في توظيف كل مجالات النفوذ لحث الأطراف على الإيفاء بالالتزامات التي اتفقوا عليها في ستوكهولم. ويتمتع الاتحاد الأوروبي بصوت قوي كذلك ويجب عليه أن يستخدمه”.
واعتبر هنت أن “مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث (البريطاني) يقوم بعمل بطولي لحث الطرفين على التعاون مع بعضهما البعض. وبدورنا، فإننا سندعم جهوده على أكمل وجه من خلال استخدام كافة الأدوات الدبلوماسية والإنسانية المتاحة لنا. ومن جانبها، فقد ساهمت بريطانيا في هذا العام بمبلغ 200 مليون جنيه إسترليني إضافي على هيئة مساعدات طارئة لليمن، حيث قدمت الطعام لأكثر من مليون شخص شهرياً، وعالجت 30 ألف طفل مصاب بسوء التغذية”.