تاريخياً بدأ الاتصال المؤسسي من العلاقات العامة وتطور كممارسة داخل الشركات الصناعية كالاهتمام بالموظفين، والمستثمرين، والعلاقة مع الحكومة ثم جاءت الجوانب التجارية لاحقاً كالإعلانات والاتصالات التسويقية، فالاتصال المؤسسي ليس عملاً ارتجالياً بل رؤية إستراتيجية تبدأ بالتخطيط ضمن رسالة موحدة لهوية المنظمة تنفذ بالأنشطة والبرامج والمبادرات لبناء السمعة وتعزيز الصورة الذهنية والتواصل الداخلي والخارجي والمجتمعي وتوثيق العلاقة مع وسائل الإعلام المتنوعة من خلال إبراز إنجازات المنشأة وخدماتها. كما أن هناك حاجة حقيقية لتطوير نموذج جديد يعمل فيه التسويق والعلاقات العامة معًا بأقصى قدر من الفعالية لمصلحة المنظمة والجمهور الذي تخدمه. وفي ظل تطور الاقتصاد العالمي، وتنامي الشركات المتعددة الجنسية، وزيادة الجمهور الداخلي والخارجي، وتطور الاتصال الرقمي جميع هذه العوامل أسهمت في الحاجة إلى وجود نموذج يتم فيه دمج التسويق والعلاقات العامة تحت مسمى «الاتصال المؤسسي» الذي يعد مظلة إدارية تندرج تحتها: الإعلانات، والعلاقات العامة، والتسويق، والاتصال التسويقي، والاتصالات الداخلية والخارجية، وإدارة الأزمات، والمسؤولية الاجتماعية،وبناء الهوية المؤسسية للمنشأة والعلامة التجارية وحماية سمعتها من أهم الأدوار التي تقوم بها إدارة الاتصال المؤسسي. وتبنى السمعة بجودة المنتجات، وبناء الثقة مع الجمهور الداخلي والعملاء، وتعزيز العلاقات الوثيقة مع أصحاب المصلحة، وتتأثر الصورة الذهنية للمنظمات بمدى إنجازاتها وإخفاقاتها، وإسهاماتها في خدمة المجتمع، ونقل الصورة الحقيقية للإنجازات وشفافيتها مع الجمهور. هناك قاعدة مهمة تقول: إن نجاح المنظمات يبدأ من داخلها بتعزيز اتصالها بجمهورها الداخلي. فالموظفون هم السفراء الحقيقيون للمنظمة حيث يسهم الاتصال بالعاملين في ترسيخ الرضا الوظيفي عن المنشأة وسياساتها والتفاعل والاندماج مع برامجها، وهم من يدافع عن المنشأة فلابد من تلبية احتياجاتهم واحترامهم وقبولهم في بيئة العمل، فبحسب الدراسات المهتمة بالاتصال الداخلي فإن إشراك الموظفين يرفع معنوياتهم مما يزيد من أدائهم الوظيفي وإنتاجيتهم. الاتصال المؤسسي يساعد المنظمة أثناء حدوث الأزمات، ويعمل خبراء الاتصال في المنظمات الناجحة في إعداد الخطط المسبقة لإدارة الأزمات والتنبؤ بحدوثها بهدف السيطرة عليها والتعامل الأمثل من خلال الاستجابة السريعة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. من أولويات إدارة الاتصال المؤسسي تعزيز الاتصال المجتمعي بمبادرات للمسؤولية الاجتماعية المستدامة وخلق برامج ذات إثر ملموس في التنمية المستدامة، وتلبية احتياجات المجتمع، والاستخدام الأمثل للموارد.
من كل ذلك نؤكد أن الاتصال المؤسسي أمرًا حتميًا لبقاء الشركات في العصر الحديث ،ولخلق علامة تجارية لأي شركة حتى وإن كانت صغيرة لأنها تحدد ماهيتها، ومنتجاتها، ورسالتها، وهدفها العام للجمهور، وكيف تقوم بتعريف نفسها في وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك كيف يُنظَر إليها من قِبَل الشركات الأخرى المنافسة، هنا يظهر دور الاتصال المؤسسي في تغليف كل ما سبق في خلق صورة ذهنية إيجابية عن المؤسسة لدى جمهورها الداخلي والخارجي على حد سواء ، وإن هَدّد سمعة الشركة أمر ما فهذا ينذر بانهيار مستقبلها بكل تأكيد، لهذا يكون من الضروري على قسم الاتصال المؤسسي بأي شركة الحفاظ على سمعة ممتازة لإدارتها داخليًا وخارجًا من أجل ضمان فرص أكبر لاستمرارها في التقدم والنمو ، وأيضا تُشَكّل الأزمات في حد ذاتها تحدٍ عام لسمعة الشركة وصورتها لدى الجماهير، وتكون إما في صورة هجمات إعلامية أو انتهاكات لبعض أنظمتها الداخلية، أو حدوث كارثة طبيعية كالتعرض لزلزال على سبيل المثال، وفي كل الأحوال يجب على إدارة الاتصال المؤسسي أن يكون لديها سيناريوهات وخطط مُعَدّة مسبقًا قادرة على التعامل مع أي أزمة مهما كانت طبيعتها أو حجمها حتى لا تدمر الشركة ومستقبلها.
أخيراً، يمكن لنظرة متفحصة إلى التواصل الداخلي، أن تكشف وجود ممكنات عديدة وراء نجاح تطبيقه داخل المؤسسات، منها ما هو مباشر كاستخدام الأدوات والمحتوى المناسبين، ومنها ما يحتاج إلى تركيز ووعي كبيرين كخلق ثقافة مؤسسية تساعد على نجاح جهود التواصل، ووضع منهجية تحقق التوازن داخل المؤسسة بين دفتي العرض والطلب على المعلومات.