د. عبدالمجيد الجلاَّل
لم تنجح الخطط الخمسية المُتعاقبة ، منذ انطلاقة الخطة الأولى عام 1970م ، في تحقيق نتائج ملموسة ، لجهة إنجاز هدف تنويع القاعدة الاقتصادية ، أو تنويع مصادر الدخل !
كان عنوان هذا الهدف ، التقليل النسبي من الاعتماد على النفط ، كمورد رئيس للناتج المحلي الإجمالي ، وظلَّ ضيف شرف على كل الخطط الخمسية المُتعاقبة ، إذ ، لم تنجح في تحقيق نتائج ملموسة ، لجهة تفعيله !
ومن ثمَّ ، فقد ظلَّ الاقتصاد السعودي ، تحت تصنيف ” الاقتصاد الريعي ” لعقودٍ طويلة من الزمن ، حيث النفط مصدر الإيرادات الرئيس ، والمحرك للنشاط الاقتصادي إجمالاً .
وفي عهد الملك سلمان حفظه الله ، وضع سمو ولي العهد ، رؤية جديدة ، لبناء اقتصادٍ سعودي متنوعٍ ومُستدام ، بعيداً عن النفط ، بهدف زيادة القيمة المضافة للاقتصاد الوطني ، وتوفير آلاف الفرص من الوظائف النوعية الملائمة لشباب وشابات المملكة ، وبدا كل ذلك في رؤية 2030 . إذ تعالج أخطاء الخطط الخمسية ، وفيها العديد من الخيارات المتاحة للتنويع الاقتصادي ، بالعمل ، والتخطيط ، وبناء السياسات ، برؤيةٍ تتناغم مع الإمكانات والموارد المتاحة ، وتتقاطع مع الاحتياجات التنموية ، في الحاضر، والمستقبل، لتحقيق المزيد من التقدم ، والرفاهية الاقتصادية ، للوطن، وأبنائه.
والأجمل ، أنَّ الرؤية عملت على ضخ قيادات جديدة ، ذات قدرات إدارية وفنية عالية ، تدير ميكنة التخطيط في إطار مؤسسي ، ووفق قوالب متحركة ومتجددة ، تأخذ بمستجدات نظم التخطيط ، وتقنياته ، ومناهجه وأساليبه ، في إعداد مشاريع الخطط الاقتصادية ، وتمتلك قبل ذلك الإرادة والمصداقية على إحداث التغيير والتطوير في أساليب العمل الحالي وتطبيقاته ، وتتحسس احتياجات الوطن والمواطنين ، بما دفع بتواتر النقلات النوعية في مسيرة الوطن ، وتعزيز استقراره ورخائه .
إذن ، نحن بإذن الله ، في خضم مسيرة وتطبيقات رؤية السعودية 2030 ، لما بعد عصر النفط ، وهذا التفاؤل ، والأمل ، بالقادم ، يدفعنا جميعاً ، للعمل الجاد لمواجهة التَّحديات الصعَّبة القادمة ، إذا أردنا حقاً الوصول – كما تستهدف الرؤية- إلى مراكز متقدمة عالمياً في مؤشرات : حجم الاقتصاد ، وتنويع مصادره، والتنافسية ، وفاعلية الحكومة ، وبيئة الأعمال ، والتوظيف ، والخدمات الإلكترونية، ومكافحة الفساد ، والسياحة ، والترفيه ، والخدمات الثقافية ، ومشاركة المرأة السعودية في سوق العمل .
وإذا أردنا كذلك ، الوصول كذلك إلى بيئة إيجابية جاذبة مٌستدامة ، تتوافر فيها مقوّمات جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، بمنظومة رعاية صحية واجتماعية وإسكانية !
خلاصة القول ، الرؤية، بمحتواها ، مُبهرة ، تحمل مضامينها التَّحدي والمخاطرة المحسوبة ، والإصرارٌ على التغيير ، لفك ارتهان الوطن ، ومستقبله ، لسلعةٍ متذبذبةٍ ، وغير مُستقرةٍ في السعر والعرض ، بالانطلاق إلى مساحاتٍ لا حدود لها، للدولة المنتجة ، وبهذا التوجه أمكن تعديل المسار، والأخذ بكل المعطيات الحديثة ، لتحسين الأداء، وإنجاز المهام والأعمال بشفافية عالية ، وبأقصر وقت ممكن ، وتبقى الإرادة والبرامج وآليات التطبيق ، هي محكّ نجاحها ، والتَّحدي الأكبر لها !
شَذْرَةٌ : من تغريدات الملك سلمان أيدَّه الله : أسأل الله أن يوفقني لخدمة شعبنا العزيز، وتحقيق آماله ، وأن يحفظ لبلادنا ، وأُمتنا الأمن والاستقرار ، وأن يحميها من كل سوءٍ ومكروه.